بيان سماحته حول مدعي المهدوية
بيان صادر من مكتب الـمرجع الديني آية الله العظمى الشيخ محمد أمين الـمامقاني .
بلغني خروج شخص في البصرة يدعي أنه اليماني وصياً من الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه) وأنه إجتباه الله سبحانه رسولاً وهادياً للأمة يريد أن يوحّد الناس من المجتهدين إلى أقل البشر وأن له نوراً وضياءً من الله سبحانه وأنه يرى الله جهرة ويتلقى الأوامر من وليه وخليفته في الأرض الإمام المهدي الغائب المنتظر (عجل الله تعالى فرجه) وانه رسوله إلى الأمة ونائبه في الدعوة وأنه اليماني الموعود به في أخبار ما قبل الظهور .
هذا ما وصلني وسمعته بصوته او صوت الناطق بإسمه , ويبدو جلياً (الجهل والبساطة) على هذا المبتدع, والبدعة من جاهل أعظم أثراً وأشد خطراً من بدعة العالم العارف بالأمور , وذلك لأن الجاهل يتخبّط ويدعي ما يجهله ولا يعرف الحقيقة فأحببت توضيح بعض الأمور دفعا للفتنة وحذراً من الخديعة وقد إنخدع به بعض الشباب المؤمن من بساطتهم وجهلهم بالحقائق ومحبتهم الفطرية لله ولرسوله ولمهدي آل محمد (عليهم السلام) فغرتهم دعوته إلى المهدي وأنه رسوله إلى الأمة , وهي ألفاظ براقة محبوبة لقلوب البسطاء , وأقول لجميع هؤلاء :-
إن الله قد شاء بحكمته وأراد غيبة الإمام المهدي(عليه السلام) لمصالح عظيمة نحن لا ندركها وقد أخبرنا أئمة الهدى (عليهم السلام) ببعضها وعرفونا بعلامات خروجه وما قبل ظهوره وما بعد ظهوره , وكانت له غيبتان غيبة قصيرة جعل فيها سفراء معينين أربعة ونواب مخصوصين هم وسطاء بين أفراد الأمة وبينه (عجل الله تعالى فرجه) إنتهت الغيبة الصغرى والسفارة الخاصة وقد أخبر الإمام (عليه السلام) السفير الرابع - علي بن محمد السمري - قبيل وفاته وأمره بإعلام الأمة وإخبارها بانتهاء السفارة والوصاية الخاصة وبدأت الغيبة الكبرى التي لا يعلم مداها إلا الله وجعل الإمام (عجل الله تعالى فرجه) النيابة العمومية للمجتهد العادل - ولا سفارة خاصة ولا وصي ولا رسول من قبله حتى يأذن الله له بالخروج فمن يدعي أنه وصي مخصوص ورسول معين من الإمام الحجة (عجل الله تعالى فرجه) فهو كاذب ومخادع لأن دعواه خلاف الثوابت المذهبية القطعـية والأسس الشرعية اليقينية وخلاف بيانات الإمام المهدي(عجل الله تعالى فرجه) وأحاديث أجداده قبل ولادته .
وإذا إدعى أنه اجتباه الله سبحانه, نسأله : هل اجتباه الله نبياً ورسولاً من قبله سبحانه إلى البشر فهذا كذب فاضح, لليقين بأن الله اجتبى محمداً خاتم الأنبياء وقد ختم النبوات بنبوته, وأخشى أن يكون المدعي مصداق قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ] لا يخرج المهدي حتى يخرج ستون كذاباً كلهم يقول : أنا نبي [ .
وإذا ادعى أن الله اجتباه وصياً لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كما اجتبى علياً والحسن والحسين وأبنائه التسعة فهذا كذب فاضح أيضاً , لليقين بأن أوصياء محمد إثنى عشر لا أكثر , ولليقين بانتهاء وقت أوصيائه وانتقال أرواحهم المقدسة من عالم الدنيا إلى الرفيق الأعلى مع غيبة الوصي الثاني عشر وعدم ظهوره بعلامات قطعية .
وإذا ادعى أن الله اجتباه وصياً للوصي الغائب المهدي المنتظر فقد علمنا يقيناً بأنه لا وصي مخصوص للمهدي بعد انتهاء الغيبة الصغرى والسفارة الخاصة والنيابة المخصوصة بوفاة السفير الرابع (علي بن محمد السمري) وقد صدر التوقيع الشريف من حضرته (عجل الله تعالى فرجه) إلى سفير: ] بسم الله الرحمن الرحيم : يا علي بن محمد السمري أعظم الله أجر أخوانك فيك , فانك ميت ما بينك وما بين ستة أيام فاجمع أمرك ولا توص إلى أحد فيقوم مقامك بعد وفاتك , فقد وقعت الغيبة التامة فلا ظهور إلا بعد إذن الله - تعالى ذكره - وذلك بعد طول الأمد وقسوة القلوب وامتلاء الأرض جوراً وسيأتي من شيعتي من يدعي المشاهدة , ألا فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كاذب مفترٍ, ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم [ .
حيث قامت الغيبة التامة الكبرى فالنائب هو المجتهد العدل التقي بنيابة عامة ووصاية غير مخصوصة بأحدٍ من البشر, بل الذي يتشرف بالاجتهاد ورواية حديثهم ودراية حلالهم وحرامهم يصير حجة على الناس نيابة عن الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه) ما دام غائباً وقد قال (عليه السلام): ] وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فانهم حجتي عليكم وأنا حجة الله عليكم [ .
إذن لا وصي مخصوص ولا رسول من قبله (عجل الله تعالى فرجه) في عصر الغيبة التامة ولا يكون الجاهل الدعي وصياً فإنه يدعي زوراً ما ليس له ولا يكون نائباً عن الإمام المهدي (عليه السلام) .
وإذا قصد هذا المدعي أن الله اجتباه مهدياً غير الإمام محمد بن الحسن الغائب المنتظر (عليه السلام) متذرعاً بما ورد في بعض الروايات من أنه يكون بعد قيام القائم وانتهاء دولته العادلة- لا قبل ظهوره وخروجه وحكمه بالعدل بين الناس - يكون إثنا عشر مهدياً يحكمون في الناس بالعدل ويدعونهم إلى الخير والصلاح وموالاة آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ومعرفة حقهم وهداية البشر , وهذا بعد قيام المهدي وانتهاء دولته , وهذا المدعي يدعي أنه اختاره المهدي وأنه وصيّه وأحد المهديين الاثنى عشر قبل ظهور الإمام المهدي (عليه السلام) وقبل بداية حكمه وإصلاحه , وهذا خلاف الروايات .
وباختصار: هذه الدعوى باطلة وهذه الدعوة ليست مهدوية بل هي دعوى زور ودعوة ضلال من جميع جهاتها وبكل احتمالاتها .
3- وحيث تبين أنها دعوى ضلال ودعوة فساد لا يجوز تصديقه بأنه اليماني الذي يخرج قرب ظهور المهدي وانتهاء غيبته لأن الوارد في أخبار الأئمة الأطهار(عليهم السلام) أن راية اليماني راية هدى تدعو إلى الحق وإلى صاحب الأمر الحجة المهدي (روحي له الفداء) ونوره يسعى بين يديه
- وهذا يدعي أنه يرى الله جهرة وأينما يسير فالله معه , هذا كذب ودعوى زور لأنها مخالفة لضرورة الدين وهي خداع فان الله روح مطلق مع كل شيء - مع البشر ومع الحجر ومع البقر ومع الجماد ومع الماء وفي السماء - ومع كل شيء, والذي يخادع الناس بأمثال هذه الدعوى الفاسدة دعوته دعوة باطلة يبرأ منها الله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)وإمامنا المهدي الموعود بالنصر (عجل الله تعالى فرجه الله فرجه الشريف).
ولذا فينبغي للمؤمنين والمؤمنات أن لا ينخدعوا ببعض كلماته البراقة وأن لا يصدّقوا دعواه: الوصاية الخاصة من الإمام المهدي المنتظر (عجل الله تعالى فرجه) ولا بدعواه أنه رحمة للإسلام وعنده نور وضياء من الله سبحانه فان النور الرباني يأتي من العقيدة الحقة الصحيحة والعمل الصالح والورع عن محارم الله - وبقدر بصيرته وصلاحه - , والذي يدعي أنه يرى الله جهرةً فإنه جاهل يرى بعض شياطين الأنس والجن يوحون إليه زخرف القول ويعطونه الأخبار التي يسمعونها وهي خليط من الخبر الصحيح ومن الخبر الكاذب فيأخذها ويخدع الناس ببعض الأخبار التي يحصل علـيها من شياطين الأنس أو الجن , فيتخيل قليلو الفهم أن دعاواه كلها صحيحة وانه رجل صالح أو هو وصي الإمام المهدي الغائب المنتظر أو أنه رسوله إلى عباد الله سبحانه ولا يعرفون أنه من أتباع الشيطان الرجيم .
4- وإذا ادعى أنه رحمة للناس وللإسلام أو لعموم البشر حتى اليهود والنصارى فهذا مقام رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي بعثه الله رحمة للعالمين , وهذا المدعي يزعم دعوى عظيمة لنفسه ويثبت مقاماً لذاته لم يجعله الله له وليس هو أهلاً لها , كيف ؟ وهو مقام لا يدّعيه أعاظم البشر وهم آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) , ولكن الجهل ومسّ الشيطان وإيحاءاته هي العذر ولا عذر له وقد ورد في الخبر الشريف عن الصادق (عليه السلام): ] لا يخرج القائم حتى يخرج قبله أثنا عشر من بني هاشم كلهم يدعو إلى نفسه [ ؟ .
ثم إن الذي يدعو الناس - رحمة بهم - يريد بدعوته توحيد البشر من المجتهدين إلى أقل الناس إذا كان يريد تسويتهم من حيث المقام ودرجة الإيمان والقرب من الرحمان فهذا باطل وخلاف القرآن المجيد صريحاً : قال الله سبحانه: ] يَرْفَعْ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ [ فإذا كان الله سبحانه قد رفع المؤمنين بالله المتقين له المتورعين عن محرماته وأعلى مقام العلماء - الذين أوتوا العلم النافع للبشر , وأعظمه العلوم القرآنية والإسلامية - , إن الله سبحانه - قد فضل العلماء المؤمنين المتقين على غيرهم ,فهل يصح كلام هذا المدعي ؟ ودعواه تخالف القرآن بل تخالف القانون العالمي الأممي : كل الأمم والشعوب يرجح عندهم العالم على الجاهل , والمتعلم على غير المتعلم ... فهذا المدعي يريد تسويتهم وإنقاص قدر العلماء في الأمة , أليس هذا من الجهل الفاضح ؟ .
5 - قد إستفاضت الأخبار أو تواترت بأنه قبل ظهور المهدي (عجل الله تعالى فرجه) يزداد الظلم والجور والبدع في الأرض ويكثر حتى تمتلأ الأرض ظلماً وجوراً فيخرج المهدي وينشر العدل والخير ويطبق دستور الإسلام - القرآن المجيد - ودين الله الذي أبلغه رسوله العظيم يكون له أصحاب وأنصار يفقدهم أهاليهم وهو نائمون في فراشهم يأتي بهم ملائكة الله جميعاً بأمر الله إلى الإمام تأخذهم ليلة خروجه (عجل الله تعالى فرجه) تطوي بهم الأرض ويجتمعون عند الإمام في ساعة واحدة بأمر الله سبحانه ويعطي الله كل واحد منهم قوة أربعين رجلاً ويصير قلبهم كزبر الحديد لا يذوب ولا يلين ولا يضعف ولا يقهر ... إن المهدي وأصحابه منصورون بمدد الله وملائكته وينزل معه جبرائيل وعيسى (عليه السلام) ويرجع نبي الله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين والحسن والحسين (عليهم السلام) يصلون خلفه ويؤيدون دعوته وهنا نسأل : فأين نصر الله لهذا المدعي لو كان صادق الدعوة ؟ وأين مدده سبحانه ؟ وأين عون ملائكته ؟ وأين الملاك المنادي في السماء بتأييد المهدي؟ إن هذا إلا مدع ٍ كاذب دجال في دعواه .
ثم إن الظاهر من الروايات المعصومية الشريفة أن الإمام المهدي يخرج بالسيف بأمر الله , لا بالأسلحة الحديثة والقنابر المتفجرة ولا بضعفاء النفوس والأبدان يضعفون أمام القوة العسكرية الحديثة .
وقد تسأل عن سر الخروج بالسيف وفائدته مع هذه الأسلحة الحديثة وأقول : الظاهر انه عند ظهور المهدي عقيب تغير حركة الشمس وشروقها من المغرب : انه تبطل فعالية الأسلحة الحديثة بتمامها حتى الأسلحة المدمّرة - الجوية والبحرية والنووية ونحوها - فانه عند شروق الشمس من المغرب تتغير القوانين الكونية الفيزيائية ويبطل عمل الأسلحة الحديثة لأنها تعتمد القوانين السائدة في الكون - السماء والأرض - فيكون العراك بالسيف حينئذ خاصة .
هذا بيان مختصر متبسط يفهمه الجميع - وتمام المستويات الفكرية أردت به كشف الحقيقة .
وأخيراً أدعو إخواني وأبنائي المؤمنين وأقول لهم : تمسكوا بدينكم وانتظروا إمام زمانكم ولا تصدقوا من يدعي شيئاً إلا وروح الله جبرائيل (عليه السلام) مؤيده وهاتف السماء يهتف به ليسمعه ويفهمه جميع البشر بتمام اللغات واللهجات والله الموفق العاصم .