السبب الغريب لهجوم ابن تيمية على عصمة الأنبياء
كشف ابن تيمية عن سبب حملته على الشيعة لتنزيههم الأنبياء عليهم السلام ! فقد تخيل أن غرضهم من ذلك الطعن بأبي بكر وعمر ، لأن عقيدة العصمة التامة تجعل المعاصي فضيلة وارتكابها منقصة ، وأبو بكر وعمر كانا كافرين قبل الإسلام يرتكبان المعاصي ، فيكون ذلك منقصة فيهما ، فلا يستحقان مقام الخلافة عن النبي المعصوم عصمة تامة !.
لذا رأى ابن تيمية الدفاع عن أبي بكر وعمر برفض عقيدة العصمة التامة للأنبياء عليهم السلام والقول بأنهم كانوا قبل النبوة مثل أبي بكر وعمر كفاراً يرتكبون المعاصي ثم تابوا ، ثم بجعل الكافر ومرتكب المعصية التائب أفضل من غير مرتكبها !!
قال في منهاج سنته: 2/429: ( وأما ما تقوله الرافضة من أن النبي قبل النبوة وبعدها لايقع منه خطأ ، ولاذنب صغير وكذلك الأئمة ، فهذا مما انفردوا به عن فرق الأمة كلها ، وهو مخالف للكتاب والسنة وإجماع السلف ، ومن مقصودهم بذلك القدح في إمامة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، لكونهما أسلما بعد الكفر ، ويدعون أن علياً رضي الله عنه لم يزل مؤمناً ، وأنه لم يخطئ قط ولم يذنب قط ، وكذلك تمام الإثني عشر . وهذا مما يظهر كذبهم وضلالهم فيه لكل ذي عقل يعرف أحوالهم ! ولهذا كانوا هم أغلى الطوائف في ذلك وأبعدهم عن العقل والسمع.... ونكتة أمرهم أنهم ظنوا وقوع ذلك من الأنبياء والأئمة نقصاً ، وإن ذلك يجب تنزيههم عنه ، وهم مخطئون إما في هذه المقدمة وإما في هذه المقدمة أما المقدمة الأولى فليس من تاب إلى الله تعالى وأناب إليه بحيث صار بعد التوبة أعلى درجة مما كان قبلها ، منقوصاً ولا مغضوضاً منه ، بل هذا مفضَّلٌ عظيمٌ مكرمٌ ، وبهذا ينحل جميع ما يوردونه من الشبه !) . انتهى.
ثم أفاض ابن تيمية في ذكر فضائل من يعصي ويتوب ، فقال في منهاجه2/430:
( وفي الصحيحين عن النبي(ص)من غير وجه أنه قال: لله أشد فرحاً بتوبة عبده من رجل أضل راحلته بأرض دويِّة مهلكة ، عليها طعامه وشرابه ، فقال (من القيلولة) تحت شجرة ينتظر الموت ، فلما استيقظ إذا بدابته عليها طعامه وشرابه ! فكيف تجدون فرحه بها؟ قالوا: عظيماً يا رسول الله . قال: لله أشد فرحاً بتوبة عبده من هذا براحلته..... فمن يجعل التائب الذي اجتباه الله وهداه منقوصاً بما كان من الذنب الذي تاب منه ، وقد صار بعد التوبة خيراً مما كان قبل التوبة ، فهو جاهل بدين الله تعالى وما بعث الله به رسوله ) !! .
ثم تنازل ابن تيمية قليلاً ، فقال: ( ولسنا نقول إن كل من أذنب وتاب فهو أفضل ممن لم يذنب ذلك الذنب ، بل هذا يختلف باختلاف أحوال الناس ! فمن الناس من يكون بعد التوبة أفضل ، ومنهم من يعود إلى ما كان ومنهم من لا يعود إلى مثل حاله . والأصناف الثلاثة فيهم من هو أفضل ممن لم يذنب ويتب ، وفيهم من هو مثله ، وفيهم من هو دونه ) . انتهى.
ومعنى كلامه أن الكافر مرتكب المعصية إذا تاب قد يكون أحياناً خيراً ممن لم يكفر ولم يرتكب المعصية !
ثم قال ابن تيمية: 2/397 ( والله تعالى قد أخبر أنه يبدل السيئات بالحسنات للتائب كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح ، ومعلوم أن الصحابة رضي الله عنهم من عهد الرسول(ص)وقبل أن يصدر منهم مايدعونه من الأحداث ، كانوا من خيار الخلق ، وكانوا أفضل من أولادهم الذين ولدوا بعد الإسلام). انتهى.
وبذلك كشف عن أن أصل هدفه وغرضه أن يثبت أن كفر أبي بكر وعمر ومعاصيهما قبل الإسلام أو معاصي بعض الصحابة بعده ، لاينقص من درجتهم ، ولا يجعل درجة عليٍّ عليه السلام والنبي’لعصمتهما التي يدعيها الشيعة أرفع من درجتهم !